تونس: إعتقال شاب بتهمة الافراط في التفكير

ميكانيكي عصاميّ التكوين في صنع الأسلحة و المتفجّرات , هكذا يقدم حاتم القرمازي نفسه للفضوليين, إذ يبلغ من العمر أربعون سنة و يقطن بمحافضة القصرين غربي الوسط التونسي, اشتغل في بدايته كعامل بورشات الحدادة و الخراطة ليأخذه شعف التسعينات الى عالم الاسلحة و البنادق, لتصبح بذلك مصدر رزق له و لافراد عائلته بعد ان امتهن حرفة صيانة بنادق الصيد, و استمرت مسيرته العصامية في ذات المجال حتى انه تمكن من صنع البارود و حشوات الرصاص و الخراطيش دون ان يتلقى درسا او منهجا اكاديميا منظّما, بيد أن هذه المسيرة شهدت تعثرات عديدة تمثلت جلها في عشرات الايقافات و البحوث من قبل الوحدات الامنية المختصة , فلا يخفى على ناظر صرامة قانون ما قبل الثورة خاصة في مسألة الترخيص بامتهان الحرف المتعلقة بالسلاح و ما ينجر عنها من تهديدات امنية لم تكن الدولة تغفل عنها انذاك و بمجرّد انك تتصفّح موقع اسلحة او مواد كيميائية او ما شابه تأكد أن عمّار* لن يمنحك فرصة النوم على فراش بيتك مرة اخرى…
اما بعيد الثورة فقد تغيرت كل الموازين و المعطيات لدى حاتم القرمازي ليصبح ملقبا بـ”كلاشنيكوف القصرين” ليجعل من صفحته على الفايسبوك معرضا لنماذجه المصغرة من المدافع و الصواريخ و انواع مبتكرة من البارود يقول انها تصنع من مواد متوفرة و في متناول الجميع, الامر الذي ساهم في شهرته لدى مختلف وسائل الاعلام التونسية, و بين السخرية والاعجاب لم يتوقف حاتم يوما عن طلب الشرعية من الدولة التونسية و دعمه و الاعتراف به كمخترع وطني خبير اسلحة و متفجرات…
و اليوم يخرج علينا بصاروخ “تونس حرة” مقدما إياه على صفحته على الفايسبوك كهبة للدفاع التونسي في حربه الدامية على مجموعات القاعدة ببلاد المغرب مؤكّدا ان “تونس حرة” صاروخ ارض جو يصل مداه الى 5 كم و قادر على حمل راس شديد الانفجار مصنّع اساسا من مادتي السكر و البخارة* , لكن سرعان ما تحولت إليه فرقة مختصة من الامن الوطني لتحوله مباشرة على ذمّة العدلية إذ عمدت النيابة الخصوصية بمحكمة القصرين بايداع حاتم القرمازي في السجن بتهمة الافراط في التفكير حسب ما صرّح به محاميه عبد العزيز الصيد الذي تطوّع للمرافعة في قضيته عقب توقيفه… و تشهد القضية الان ردود افعال مختلفة منها ما اتفق مع فكرة دعمه و ادماجه لدى المؤسسة العسكرية و منها ما سخر معتبرا ان الدولة ليست بصدد التفكير في انتاج السلاح ,و لو أرادت لوجدت بدل حاتم القرمازي ميئات المهندسين المتمرسين من ذوي الخبرة و التميز…
عمّار : اسم كان يطلق على الوكالة الوطنية لمراقبة الانترنات
البخارة: مادة كبريتية تستعمل لاغراض فلاحية في تونس
zarmed
12039625_427149407479252_4610619839972010246_n

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *